أعداد المصابين بـ”دلتا” تفوق أرقام الصّحة… فهل من إغلاق تامّ؟
جائحة كورونا لم تنتهِ بعد، فالسّلالة الهنديّة المرعبة والمتحوّرة من الفيروس دخلت لبنان من أبواب مطاره الدّولي، حيث أعلنت البلاد لأول مرة الجمعة الماضية عن رصد حالات إصابة بمتحور فيروس كورونا “دلتا”، الذي ظهر في الهند ثم انتشر إلى عشرات الدّول.
وأكد وزير الصّحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، أنّه تمّ تسجيل 9 إصابات بالمتحور “دلتا” خلال الفترة الأخيرة، وجميعها لوافدين من الخارج، فيما تشير الأرقام والمعطيات إلى أنّ العدد أكثر بكثير من ذلك.
إغلاق أم إخفاق؟
ورغم تصريحات حمد بأن جهود وزارة الصّحة ما زالت منكبّة على تخفيض الإصابات واحتوائها، هل يُقفل مطار رفيق الحريري الدّولي، في حال اتّخذت الدّولة قراراً بإغلاق البلد، وتشديد الإجراءات في هذه المرّة للحدّ من انتشار “المتحوّر”؟ أم أنها ستخفق مجدداً وتسمح للوافدين الدّخول وتعريض لبنان إلى انتشار العدوى مجدّداً؟
الأمين العامّ للمجلس الأعلى للدّفاع اللّواء الرّكن محمود الأسمر يقول لـ “أحوال”، قرار الإقفال يجب أن يُتّخذ من قبل اللّجنة الوزارية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الصّحية والاقتصاديّة، فيما استبعد قرار إقفال المطارلأنه ليس بالأمر السّهل، خصوصاً وأنّ دول العالم التي اتّخذت قراراً بإعادة الإقفال أبقت على مطاراتها مفتوحة.
ويلفت إلى أنه على الوافدين التّعاطي مع الموضوع بمسؤولية وضمير، لتجنيب لبنان موجات أخرى من كورونا.
ويضيف، الأهمّ من كل هذا التزام المواطنين بإجراءات الوقاية، والتّباعد الاجتماعي، لمنع العدوى بعد تسجيل تطوّر في الوضع الوبائي العالمي وظهور سلالة جديدة.
لا نيّة بالإقفال
مصادر من اللّجنة الوزارية تؤكد لـ “أحوال” أن لا نيّة بإقفال البلد مجدّداً، الوضع لا يحمل والتّحديات التي يواجهها لبنان، في ظل تقييم الوضع الوبائي والتّعقيدات في المجالات المعيشيّة والاقتصاديّة، كبيرة.
ودعت المصادر إلى ضرورة الالتزام بالضّوابط والمعايير، وبالسلوك الوقائي الفردي والأسري والمجتمعي، وأهمّها الكمامة والتّباعد الاجتماعي.
فيما يشدّد رئيس لجنة الصّحة النّيابية النّائب عاصم عراجي، على ضرورة الالتزام بتطبيق إجراءات الوقاية، ومتابعة الوافدين بجديّة من قبل الدّولة اللّبنانيّة، والتّأكد من التزامهم المنازل، وفرض غرامات على المخالفين، قبل الذّهاب إلى قرار إقفال البلد والمطار.
من جهته، يرى رئيس اللّجنة العلميّة الوطنيّة لإدارة ملف لقاح كورونا الدّكتور عبد الرحمن البزري، أنّ مسؤوليّة إغلاق البلاد، ومنع دخول الوافدين من عدمه، تقع على اللّجنة الوزارية، مؤكداً أنّ “الدلتا” منتشر في جميع دول العالم رغم الإجراءات المتّبعة.
ويقول، صحيح أنّ للمطار دور أساسي في الاجراءات، والتّنبّه للدّخول، والاحتياطات المتبعة، توازياً مع جديّة فحوصات الـ PCR، إلّا أنّ هناك واجب على الدّولة اللّبنانية، منع التّفلت الحاصل داخلياً، والتّشدد مجدداً في الحفاظ على التّباعد الاجتماعي ووضع الكمّامات.
ويضيف البزري، كما وعلى المواطن مسؤوليّة تلقي اللّقاح لحماية نفسه، فاللّقاح يؤمّن مناعة عالية نسبيّة، تجعل من الاصابة “بالمتحوّر”، أخفّ بشكل عام.
اللّقاحات الأكثر فعالية
وفي سؤال حول مدى صمود فعالية اللّقاحات أمام سلالات كورونا المتحورة، يؤكد أن هذا الفيروس أجرى تعديلات على نفسه، لكن لقاحات أسترازينيكا وفايزر وموديرنا، أثبتت أنّ لديها مناعة وفعاليّة جيّدة، وتقوم بواجبها في الوقاية ضد هذا “المتحوّر”.
أمّا سبوتنيك وسينوفارم فمدى فعاليتهما ما زالت قيد الدّراسة، مشيراً إلى إمكانيّة تعديل اللّقاح في المستقبل.
ويردف، في هذه المرحلة الحسّاسة علينا خلق توازن بين الاقتصاد والمعيشة.
وفيما يتعلق بأزمة فقدان الأدوية والمستلزمات الطّبيّة، ومدى تأثيرها على الوضع في حال انتشار كورونا المتحوّرة في لبنان، يوضح أنّ أزمة الاستشفاء والمستلزمات الطّبيّة والمواد التّشخيصيّة والمخبريّة والادويّة، هي أزمة وطنية حقيقية.
ويتمنى البزري أن لا تتفاقم أزمة كورونا مجدداً، تجنباً لمزيد من التّحديات والضّغوطات على القطاع الاستشفائي، الذي بدأ يعاني من سياسة تردّي الاوضاع الاقتصاديّة وفقدان المواد الأساسيّة.
فوضى المطار
إلى ذلك، يقول مدير عام مستشفى بيروت الحكومي الجامعي الدكتور فراس أبيض، انتشرت السّلالة الهنديّة في العديد من الدّول، وهي معدية بنسبة 50٪ أكثر من السّلالة البريطانيّة التي وصلت إلى لبنان في نهاية العام الماضي، إذ كان المغتربون يعودون لقضاء العطلة.
ويتابع، الأحداث تعيد نفسها، الاجراءات في المطار ليست صارمة، وهناك عدم انضباط وفوضى، والنّاس لا يمتثلون لإجراءات السلامة التي تحد من تفشي الوباء.
ويشير أبيض إلى التّجمعات في المطاعم والمولات وداخل الأماكن المغلقة، دون الالتزام بالاجراءات المطلوبة.
ويؤكد أنّه رغم كل ذلك، لا أحد يريد الاتّجاه مباشرة نحو إغلاق البلد مجدداً، خصوصاً وأن لبنان غارق بأزماته، لذلك على المسؤولين تنظيم المطار لمنع انتشار عدوى “دلتا”.
ويذكر الأبيض، أنّ عدد المصابين بالمتحوّر الهندي أكبر من العدد المصرّح به من قبل وزارة الصّحة، بحسب أستاذ العلوم البيولوجية والمسؤول عن فحوص الـpcr في مطار بيروت الدولي، الدكتور فادي عبد الساتر الذي أشار إلى إن أكثرية الإصابات في لبنان اليوم هي “دلتا”.
ويشدّد على أنّ الوضع ليس مطمئناً، هناك احتمال انتشار موجة ثالثة من الوباء إن بقي الوضع على حاله.
ناديا الحلاق